1. المتطلبات الجديدة لتكوين هيئة التدريس

1. المتطلبات الجديدة لتكوين هيئة التدريس

بتصرف موسع عن  (Philippe Perrenoud, 1995, Des savoirs aux compétences)

- التكوين الذاتي للأستاذ المتربّص [1] -

 المدخـل / 

إن التحديات التي أفرزتها التغيرات المتسارعة في عالم اليوم، لم تستثن مؤسسات تكوين الأساتذة. فقد فرضت على هذه الأخيرة واقعا جديدا، تطلب منها الرفع من جودة خدماتها التربوية ليتسنى لها تقديم تكوين جيّد للمتدربين، وجعلهم يسهمون في تطوير معارفهم وممارساتهم المهنية بشكل متواصل. إلا أن تحسين التكوين لن يتم باكتساب كفاءات تربوية ومهنية ملائمة لواقع التدريس الجديد فقط، وإنما يتطلب أيضا تبني الأستاذ المتكوّن لاستراتيجيات تربوية فعالة ونشيطة تجعل الأستاذ الجديد يشارك بفعالية في مساره التكويني. وهذا ما حدده [فيليب برينو] في كتابه "من المعارف إلى الكفاءات" على النحو التالي:

  • التفكير في مشاريع متداخلة الاختصاص، تتبنى مقاربة حل "وضعيات مشكلات"، تمكّن من تعبئة مجموعة موارد مدمجة، بشكل وظيفي، فعال وملائم؛
  •  تخطيط سيرورات التكوين من منظور الممارسة العملية، وأسلوب العمل في الورشات التشاركية؛
  •  تصويب الممارسات البيداغوجية للأساتذة/ المكونين، نحو تقاسم المسؤولية مع المتدربات والمتدربين، وحفزهم إلى القيام بأبحاث وتحقيقات وتشجيعهم على إعداد وإنجاز وثائق ومشاريع شخصية أو جماعية؛
  •  إتاحة الفرصة لهم لمناقشة رفاقهم تحقيقا لمبدأ "الصراع الاجتماعي - معرفي" في بناء المعارف والقدرات والمهارات، التي تتيح إغناء وتطوير الأفكار والممارسات؛
  • تركيز أنشطة التقويم على الكفاءات المكتسبة والأعمال الإبداعية، عوض الاقتصار على المعارف التقريرية المجردة التي تكرس نمطية التقليد والاتباع بدل التجديد والإبداع؛
  •  توجيه التكوين نحو إعداد مؤطرين قادرين على تنظيم وتسيير حياتهم المهنية، يسهمون في تكوينهم الذاتي بالبحث عن استراتيجيات ملائمة للسياق والظروف المحيطة بهم؛ لأن الأمر لم يعد يتعلق فقط، بأن يتعلموا لكي يتعلموا، وإنما أن يتعلموا كيف يتعلمون من أجل أن يتغيروا ويغيروا؛ تحقيق تمفصل التكوين النظري المعرفي (التحضيري البيداغوجي أو المستمر) والتكوين الميداني المهني، وذلك بجعل برنامج التكوين يستجيب للحاجات المتنوعة التي تقتضيها مهنة التدريس، ومتطلبات التربية على أخلاقيات المهنة، واتخاذ القرار.

تجدر الإشارة إلى أن العلاقة الموجودة بين التكوين الذاتي واكتساب المعارف والمواقف والمهارات التعلمية

ليست ظاهرة جديدة؛ فعبر كل الأزمنة وفي كافة أنظمة الإعداد للمهنة، ظلت مكانة التكوين الذاتي ودوره في الارتقاء المهني للأستاذ المتكوّن تقاس بمدى إسهامه وانخراطه الشخصي في مساره التكويني للحصول على شهادة التخرّج، وهذا لا يعود إلى قصر المدة المخصصة للتكوين، وإنما يعود بالأساس إلى المنظور الجديد لملاءمة التكوين مع متطلبات مزاولة مهنة تعرف تغيرا متواصلا، مما يتطلب اكتساب الأستاذ المتكوّن الجديد لمهارات التكوين الذاتي ليكون قادرا على مواكبة التغيرات بكيفية فعالة وفاعلة.


تم عمل هذا الموقع بواسطة